تعليقات على قانون حقوق الصحفيين 2
د.ضياء عبدالله عبود الجابر الاسدي
جامعة كربلاء/ كلية القانون
المادة السادسة/ حرصت الفقرة (أولاً) منها على تثبيت الصحفي في الاطلاع على التقارير والمعلومات والبيانات الرسمية ،وعلى الجهات المسؤلة عن ذلك أو التي صدرت منها أو توجد لديها أن تمكن الصحفي من الاطلاع عليها لغرض الاستفادة منها في عمله الصحفي ككتابة المقالات وإبداء الآراء أو تقديم البرامج .
وقد قيد القانون ذلك الحق (حق الاطلاع ) بأن لا يكون ذلك الأمر مضراً بالنظام العام ومخالفة أحكام القانون،خاصة عندما تكون تلك المعلومات متعلقة بأسرار لا يمكن الاطلاع عليها إلا من قبل ذوي العلاقة أو من يمثلهم قانوناً كالمحامين والوكلاء،كونها أسرار شخصية ببعض الأشخاص أو العوائل, متعلقة بأفعال لها خصوصيتها وضرورة محدودية الاطلاع عليها كجرائم الأسرة أو الاغتصاب واللواط والزنا والجرائم الأخلاقية،وكذلك ما يتعلق بأسرار مرافق الدفاع والداخلية والأمن الوطني (الداخلي والخارجي)،أو عندما تتضمن القوانين المختلفة حظر ذلك الأمر،أو تجريم كل من يفشي المعلومات المتعلقة بالوظيفة أو المعلومات التي تتحصل أثناء أدائها أو بسببها.
أما الفقرة (ثانياً)،فقد أعطت الصحفي الحق في حضور المؤتمرات مهما كان نوعها(سياسية ،قانونية،اقتصادية،اجتماعية،ثقافية،فكرية،رياضية)،والجلسات للجهات الرسمية كجلسات مجلس الوزراء،والوزارات والأجهزة التنفيذية،والهيئات المستقلة(كهيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات،والبنك المركزي العراقي،وهيئة الإعلام العراقي وغيرها من الهيئات المستقلة)، أو مجلس النواب أو مجالس الأقاليم أو مجالس المحافظات ومجالس الاقضية والنواحي.
والملاحظ على الفقرة أعلاه أنها لم تقيد ذلك الحضور بأي قيد مما يعني أن من حق الصحفي الحضور في تلك المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة من أجل تأدية عمله المهني،ونعتقد أن هذا الإطلاق أو عدم التقييد أمر غير دقيق ويحتاج إلى المراجعة وإعادة النظر،فهناك قيود عديدة تفرض نفسها في هذا المجال،كطبيعة تلك المؤتمرات والمعلومات والمسائل التي تطرح فيها ومدى سريتها وتعلقها بالمصالح العليا للبلد،وكذلك الحال في جلسات الجهات الرسمية،كجلسات المحاكم والمجالس التشريعية(مجلس النواب،مجالس الأقاليم،مجالس المحافظات)، فله الحق في الحضور مادامت علنية،ونظم القانون الحضور والتواجد فيها بطريقة ما،ولم يتخذ قراراً بجعلها سرية ،فهذا القيد نص عليه الدستور بالنسبة لجلسات المحاكم عندما نصت الفقرة(سابعاً) من المادة(19) منه على ما يأتي((جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية))،وكذلك بالنسبة لجلسات مجلس النواب فقد نصت الفقرة(أولاً) من المادة(53) منه على أن((تكون جلسات مجلس النواب علنية إلا إذا ارتأى لضرورة خلاف ذلك))،كما تركت الفقرة (ثانياً) من المادة ذاتها للمجلس تحديد الوسائل التي تنشر عن طريقها محاضر الجلسات(الصحف،القنوات الإذاعية،القنوات الفضائية،المواقع الرسمي لمجلس النواب على الشبكة الدولية للمعلومات –الانترنت)).
لما تقد نقترح على المشرع تقييد هذا الحق بأحكام القانون،,ذلك بإضافة هذه العبارة إلى نهاية الفقرة(ثانياً) لتكون كالأتي:-
(( للصحفي حق الحضور في المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة من أجل تأدية عمله المهني وفقاً لأحكام القانون)).
((للصحفي حق الحضور في المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة من أجل تأدية عمله المهني وفقاً للقانون)).
المادة السابعة/ حرص القانون في هذه المادة على حماية أدوات عمل الصحفي ،وبالتالي لم يجوز الاعتداء عليها إتلافا أو تخريباً أو تعطيلاً أو تعييباً أو مصادرة،إلا بحدود القانون.
أن القانون لم يحدد المقصود بأدوات عمل الصحفي،وأن كنا نرى أنه كان من الأفضل إيراد تعريف لها ولو بشكل عام ومجمل مع التعاريف أو المصطلحات في المادة(الأولى)،ولذا نقترح أن يكون ذلك على الشكل الأتي:-
((أدوات عمل الصحفي- هي الأدوات اللازمة لعمل الصحفي)).
((أدوات عمل الصحفي- هي الأدوات التي يستخدمها الصحفي في عمله المهني وفقاً للقانون)).
فهذه الأدوات نراها تشمل على سبيل المثال( القلم،دفتر الملاحظات أو المعلومات،كاميرات –التصوير المحمولة والثابتة،كاميرات التصوير الديجتال-كاميرات التصوير الفوتوغرافية-،أجهزة الموبايل،جهاز الحاسوب المحمول(اللاب توب،المايكروفون،مكبرات الصوت،كتب التخويل الرسمية للعمل الصحفي ،هوية التعريف-الباج-، الوثائق التي يحصل عليها رسمياً بخصوص عمله الصحفي،الأقراص المدمجة،أقراص التصوير،أقراص ألسيدي،آلات التسجيل(المسجل،الكاسيت،فلاش ممري)،أجهزة التوصيل بشبكة الانترنت،أجهزة الطبع والتحميض للأفلام والصور،حقيبة الأدوات والمعدات الفنية(أسلاك وفيش التوصيل والشحن الكهربائية،عدة العمل،صناديق الحفظ البلاستيكية،حقائب الحفظ الجلد-القماش-البلاستك،ظروف الحفظ- ورقية جلدية-قماش).
كما أن هذا الحظر في عدم جواز التعرض لأدوات عمل الصحفي قيده المشرع بحدود القانون،فقد يكون من اللازم التحفظ على تلك الأدوات كالكاميرات وأدوات التسجيل أو غيرها من الأدوات لوجود حظر أو منع بحكم القانون،أو للمحافظة على السرية اللازمة،أو قد تطلب السلطات من الصحفي التقيد بضوابط للحضور أو التصوير أو لممارسة العمل الصحفي ولكنه يتجاهلها أو لا يلتزم بها مما يضطر الجهات المعنية بالتحفظ على أدوات عمله،كالحجز المؤقت على الكاميرات، أو رفع أدوات التسجيل من الأجهزة،أو قطع التيار الكهربائي،أو رفع بطارية الشحن الخاصة بالكاميرات أو أدوات التسجيل،أو إطفائها أو مصادرة الصور والأفلام أو أشرطة التسجيل الصوتية،أو القيام بمسح المادة التصويرية أو المسجلة وإعادة الكاميرا أو المسجل فارغاً للصحفي.
وقد لا يسمح المكان الذي تعقد فيه المؤتمرات أو الندوات أو الجلسات بحضور جميع الصحفيين أو القنوات الإذاعية أو الفضائية،فيتم السماح لبعضهم دون العض الآخر وفق الطاقة الاستيعابية للمكان،لذا يجب أن تحرص الجهات المعنية بعقدها في مكان عام أو في مكان واسع يستوعب أكبر عدد من الصحفيين وقنوات الإعلام،دون تمييز بينها لأي سبب كان.
ونحن نقول مثلما يجب على الجهات المعنية التعاون مع الصحفي وتسهيل مهماته الإعلامية،على الصحفي أيضا أن يتعاون مع الجهات المعنية من اجل القيام بواجباته الصحفية وفقاً للأصول المرعية لممارسة مهنة الصحافة والإعلام،من خلال التقيد بالضوابط الشرعية المتخذة من قبل تلك الجهات لتنظيم العمل الصحفي والإعلامي وانسيابية القيام به،فلا يلجاً إلى الغش والخداع والمكر والحيلة في الحصول على المعلومة من خلال إخفاء أجهزة التسجيل الخاصة أو استخدام الأجهزة المحظورة أو عدم التقيد بالترتيبات الخاصة بأجهزة الصحافة والإعلام.
المادة الثامنة/ رفعت هذه المادة المساءلة القانونية(الجزائية،المدنية،التأديبية) عن الصحفي إذا ما أبدى رأياً أو نشر معلومات صحفية في أطار عمله المهني،ولا يمكن أن يكون ذلك سبباً للإضرار به،عن طريق المساءلة القانونية(الجزائية،المدنية،التأديبية)،أو فصله من العمل الصحفي،أو تقييد حريته في العمل،أو نقله إلى عمل صحفي آخر لا يتناسب مع مؤهلاته وطبيعة اختصاصه الصحفي أو الإعلامي،كل ذلك بشرط عدم المخالفة للقانون،فإذا ما أبدى الصحفي رأياً بخصوص موضوع معين أو مسألة ما فلا يكون ذلك الرأي سبباً لمساءلته،إلا إذا كان مخالفاً لأحكام القانون الذي حظر مثل هكذا آراء كونها تشكل قذفاً أو سباً وفقاً لأحكام قانون العقوبات العراقي رقم(111) لسنة 1969 المعدل((المواد433-435))،أو تشكل جريمة ماسة بالشعور الديني ((المادة372))،أو غيرها من الجرائم الأخرى.
المادة التاسعة/ من اجل إسباغ حماية قانونية اكبر للصحفي جاءت هذه المادة من القانون جاعلة منه موظفاً عندما يؤدي مهنته الصحفية،فإذا ما تعرض لأي اعتداء عند قيامه بالعمل الصحفي أو بسبب ذلك عد ذلك الاعتداء واقعاً على موظف،الأمر الذي يعني تشديد العقوبة عندما يقع الاعتداء على الصحفي كون القانون جعله بمنزلة الموظف لأغراض الحماية الجنائية،وبالتالي عدت صفة الموظف هنا ظرفاً مشدداً لمرتكب فعل الاعتداء،الأمر الذي يستوجب تشديد العقوبة المحكوم بها إذا كان محل الاعتداء احد الصحفيين،لكن بشرط أو قيد أن يكون ذلك الاعتداء واقعاً أثناء قيامه بمهام عمله الصحفي الرسمية أو بناءً على التكليف من مؤسسته الإعلامية،أو وقع بسبب أدائه لمهامه الصحفية.
فلا يمكن عد الصحفي متمتعاً بصفة الموظف عندما يتشاجر مع جاره على أمر خاص به لا علاقة له بعمله الصحفي،أو السرقة التي تقع على منزله ،أو حوادث المرور أو السير العادية.
نحن وان كنا نؤيد توجه المشرع في إسباغ الحماية القانونية اللازمة والمطلوبة للصحفي عند أدائه لعمله ،لكننا لا نحبذ جعله بمنزلة (الموظف) لهذه الأغراض ،نعم قد يرى البعض أن منح هذه الصفة هي لأغراض تعزيز هذه الحماية فقط،وبالتالي هو لا يرقى لمنزلة الموظف الفعلية في غيرها من الأمور(الحقوق والامتيازات الوظيفية)،ثم أن هذا الأمر متوافر للصحفي الرسمي ونقصد بذلك من يعمل في مؤسسة صحفية أو إعلامية رسمية عائدة للدولة،فهو موظف ولا يحتاج إلى تكرار تلك الحماية والتأكيد عليها ،فهو موظف شئنا أم أبينا،فنكون هنا أمام تزود من المشرع لا داعي له.
لما تقدم نرى انه كان من الأفضل جعل الصحفي الذي يعمل في مؤسسة صحفية أو إعلامية خاصة بمنزلة المكلف بخدمة عامة لأغراض إسباغ الحماية المطلوبة.
المادة العاشرة/ نصت الفقرة (أولاً) من هذه المادة على إجراء من الإجراءات القضائية والتي لا يجوز اللجوء إليها واتخاذها بحق الصحفي عن جريمة مرتبطة بعمله الصحفي إلا بقرار قضائي،وهذا الإجراء هو ((الاستجواب)).
ولنا تعليقان على هذه الفقرة :-
– الأول:- بخصوص الصياغة اللغوية لها والتي ذكرت أنه (( لا يجوز استجواب الصحفي أو التحقيق معه عن جريمة منسوبة إليه مرتبطة بممارسة عمل الصحفي…..))،فنقول أن الاستجواب وفقاً للأحكام القانونية الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي هو أجراء من إجراءات التحقيق ولا يمكن اللجوء إليه إلا من قبل قاضي التحقيق أو المحقق،وبالتالي لا داعي كما نرى لذكر مصطلح الاستجواب اكتفاءً بذكر مصطلح التحقيق،أو الاقتصار على الاستجواب دون ذكر التحقيق،فالتحقيق لفظاً عاماً يستوعب الاستجواب كإجراء من إجراءاته،فهو(الاستجواب) جزء من كل،عليه نقترح أعادة النظر في صياغة الفقرة أعلاه وكما يأتي:-
(( لا يجوز استجواب الصحفي عن جريمة منسوبة إليه……))أو
((لا يجوز التحقيق مع الصحفي عن جريمة منسوبة إليه…..)).
– الثاني:- يتعلق بالقرار القضائي الواجب صدوره من السلطة القضائية المختصة(قاضي التحقيق أو المحكمة المختصة)،وحسناً فعل المشرع العراقي عند ما أشترط ذلك وقيد الاستجواب أو التحقيق معه بضرورة صدور القرار القضائي،على اعتبار القضاء هو السلطة المختصة بذلك وصاحبة الحق في اتخاذ الإجراءات القانونية ومنها الإجراءات الماسة أو المقيدة للحقوق والحريات كالقبض والتوقيف والتفتيش والاستجواب وإجراء الفحوصات الطبية والمختبرية.
أما الفقرة(ثانياً) من المادة نفسها فقد أوجبت على المحكمة (محكمة التحقيق،أو المحكمة المختصة بنظر الدعوى- محكمة الموضوع-)) أخبار نقابة الصحفيين-إذا كان الصحفي منتمياً لها،أو المؤسسة التي يعمل فيها ،عن أي شكوى ضد الصحفي مرتبطة بممارسة عمله،وهذا الإخبار كما نراه يجب أن يتم بصورة رسمية(تحريرياً) من خلال إشعار المحكمة المختصة للنقابة الصحفيين أو المؤسسة الصحفية ليكون لديها العلم بالشكوى المقامة ضد الصحفي وموضوعها لتتولى اتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات بخصوص ذلك الصحفي دفاعاً أو محاسبة،لان مصطلح الإخبار يمكن أن ينصرف للإخبار الشفوي عن طريق المحادثة المباشرة أو بواسطة الهاتف أو المقابلة الشخصية أو البريد الالكتروني.
لذا نرى أن تتم الإشارة إلى هذا الإخبار التحريري،من خلال إضافة مصطلح (تحريرياً) بعد لفظة الإخبار الواردة في الفقرة أعلاه،لإتمام الصياغة القانونية وإحكامها بدقة،فتكون صياغة الفقرة كالآتي((يجب على المحكمة أخبار نقابة الصحفيين أو المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي تحريرياً…..)).
أما الفقرة(ثالثاً) فقد أجازت ولم تلزم(لم توجب) نقيب الصحفيين أو رئيس المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي بالحضور شخصياً أو عن طريق من يمثلهم ويخولانه بذلك الحضور رسمياً بناءً على كتاب رسمي صادر من النقابة أو المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي،عند إجراء استجواب الصحفي أو التحقيق الابتدائي أو القضائي معه أو عند محاكمته،ونرى انه من الأفضل أن يكون التخويل أو التمثيل بالحضور من قبل مختص أو خبير في مجال القانون ،كون هذه الأمور تحتاج إلى شخص مطلع وصاحب دراية وعلم في مجال القانون كونها إجراءات قانونية متخذة بناءً على شكوى ومستندة إلى قوانين.
ونسجل الملاحظة الآتية على هذه الفقرة،التي أجازت الحضور ولم توجب ذلك مما يعني أن الأمر متروك لنقيب الصحفيين أو رئيس المؤسسة الذي بإمكانه عدم الحضور أو عدم تكليف احد أو تخويله بالحضور نيابة عنه،فهو صاحب السلطة التقديرية في هذه المسألة،وقد يحتاج الصحفي إلى وجوده أو من يخوله،ولكن لا يتاح له هذا الأمر للجواز القانونية المنصوص عليه،وبالتالي قد يساء استخدام هذه المكنة القانونية على غير ما أرادها القانون،فيتم الحضور في قضايا البعض دون البعض الأخر مما يخلق نوع من التمايز والتفرقة التي تؤثر سلباً على حقوق الصحفي خصوصاً وفي العمل الصحفي عموماً،لاسيما أن الصحفي وهو في وضع الاتهام أحوج ما يكون لمثل هكذا دعم مادي ومعنوي من خلال حضور نقيب الصحفيين أو رئيس مؤسسته الصحفي وهما يمثلان أعلى سلطة إدارية فيهما،كما أن ذلك يدلل على وقوف النقابة أو المؤسسة مع الصحفي في ذلك الموضوع وعدم التخلي عنه لاسيما وهو لا يزال متهماً،فيتم تقديم ما يمكن من مساعدة قانونية مشروعة له.
لما تقد نقترح جعل الحضور وجوبياً على اقل تقدير لممثل عن النقابة أو المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي،وإبقاء الأمر جوازي لنقيب الصحفيين أو رئيس المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي،ونقترح أن يعاد النظر في صياغة الفقرة أعلاه في ضوء ذلك المقترح وكالاتي:-
((لنقيب الصحفيين أو رئيس المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي حضور التحقيق معه أو محاكمته،وفي حالة عدم حضوره يجب تخويل من يقوم مقامه في الحضور)) .